في عصر مليء بالتحديات الاجتماعية والثقافية، تجد المرأة نفسها محاطة بتوقعات متضاربة بشأن دورها ومكانتها في المجتمع. فبينما تسعى لتحقيق الاعتماد على ذاتها وتحقيق أهدافها الشخصية والمهنية، تجد نفسها في مواجهة تحديات تجعلها تتراجع وتُأطر نفسها في اطار السيدة التقليدية التي وضعها المجتمع. ويمكن لهذا التحدي أن يقف عائقًا نحو استقلالها ويقوض ثقتها بنفسها، حيث تجد نفسها تعيش وفقًا لتوقعات المجتمع وتضع حاجاتها الشخصية جانبًا.
هل تجدين نفسك في الفقرة السابقة؟ إذاً استمري في القراءة
أنتِ تعانين من عقدة سندريلا!
على الرغم من أن المرأة قد تظهر بمظهر المستقلة والقادرة على الاعتماد على نفسها، إلا أن هناك الكثير من النساء تُعاني من عقدة سندريلا، مما يؤثر على قدرتها على تحقيق التوازن والسعادة في حياتها.
تُعتبر عقدة سندريلا ظاهرة نفسية تصف حالة الانتظار للمرأة بشكل غير مبرر للرجل لإنقاذها أو تحقيق سعادتها. مما يضعف قدرتها على الاعتماد على ذاتها وتحقيق أهدافها وأحلامها الشخصية.
في قصة سندريلا الأصلية، تعيش سندريلا في ظلم زوجة أبيها،وكما هو معروف أن كل الأموال والحياة الكريمة التي تعيش فيها زوجة أبيها هي ملك لسندريلا وتستطيع المطالبة بها وتحقيق حريتها وأحلامها بنفسها وكانت تستطيع أن ترفض كل ما يُطلب منها، إلا انها اختارت أن تنتظر الأمير الذي سوف ينقذها من هذا الوضع المأساوي ويحقق سعادتها النهائية. ومع أن هذا السيناريو قد يكون جزءًا من الخيال، إلا أن العديد من النساء يجدن أنفسهن محاصرات في هذه العقدة. حيث تعيش في حرية مالية واجتماعية، ولكن في قرارة نفسها هناك شعور خفي داخلها يجعلها بحاجة لرجل ليدعمها وينقذها ويساعدها ويسعدها.
تؤثر عقدة سندريلا على المرأة بطرق مختلفة فتفقد ثقتها بنفسها وفي القدرة على تحقيق السعادة والتحرر بمفردها. تقوم بتأجيل أهدافها الشخصية وتصب كل تفكيرها على البحث عن الشريك المناسب أو إرضاء الشريك الحالي.
حيث تبدو المرأة مستقلة أمام مجتمعها المحيط بها، ولكنها تعيش في حالة خوف شديد من فقدان الشريك. وتبقى في علاقات غير صحية لأنها فقدت ثقتها بنفسها واعتقادها بأنها لا تستطيع أن تكون بمفردها وأن الشريك هو مصدر الأمن العاطفي والمادي والاجتماعي.
وبالرغم من أن المرأة ناجحة في حياتها المهنية والشخصية إلا انها قد تؤجل اتخاذ قرارات شخصية مهمة في حياتها كالزواج او الإنجاب أو التعليم متمسكة بأمل العثور على الرجل المثالي الذي يسوف يجلب لها السعادة ويؤكد قيمتها وبالتالي تتجاهل الفرص المتاحة لها لتحقيق سعادتها بنفسها.
ومن أكبر معوقات الاعتماد على الرجل هي عدم قبول المرأة لذاتها فتشعر بالقلق من قدراتها ومظهرها ويمنعها ذلك من حب ذاتها.
فمثلا عندما تجد المرأة نفسها في مواقف صعبة أو متوترة يمكن أن تحلها بنفسها، تختار أن تنشد الدعم والمساندة من الرجل، تطلب منه أن يكون قوة داعمة لها، تطلب منه أن يتدخل لحل المشكلات التي تواجهها مما يشعرها بالأمان والاطمئنان. وذلك يدل على حاجة المرأة في اللاوعي لرجل ينقذها.
لا يمكن تجاهل قدرة الرجل على حل مختلف أنواع المشكلات وحاجة المرأة له حين يستدعي الأمر، ولكن الحاجة المفرطة للرجل لإنقاذها قد تمنع المرأة من تطوير قدراتها الذاتية وتحقيق استقلالها. فقد تبقى دائمًا في حاجة إلى الرجل لحل مشاكلها وتقديم الدعم، مما يجعلها تبقى مقيدة بعقدة سندريلا.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي الى عقدة سندريلا أهمها الثقافة والتربية حيث يمكن أن يتم تعليم النساء منذ الصغر بأن تكون تابعة لرجل وذلك يُنمي لديها فكرة الاعتماد على الاخرين، وأيضاً لعب الإعلام دور كبير في تعزيز الصورة النمطية لقصص الرومانسية والأميرة التي تحتاج الى انقاذ من الأمير البطل بالرغم من أنها أميرة وتمتلك من الحرس والحماية الكثير! وكل ذلك أكد على عقدة الاعتماد على الرجل.
وقبل عصر الإعلام هناك ضغوط اجتماعية فرضها المجتمع على المرأة متعلقة بالزواج وتكوين عائلة وتكريس نفسها لرغبات الشريك واحلامه وأهدافه. وبسبب تقارب المجتمعات العربية فأن التجارب السلبية من العلاقات في محيط المرأة أكيد على فكرة وجود رجل يحقق سعادتها وأحلامها.
لا أقول في هذا المقال بأن الرجل غير مهم في سعادة المرأة ،فالرجل يحمل أهمية كبيرة بدءًا من دور الشريك في الحياة الزوجية والأب في الأسرة، وحتى الدعم الاقتصادي والاجتماعي والعاطفي.
وقد عزز الإسلام مكانة الرجل وشجع على احترامه وتقدير دوره في المجتمع، فهو المعيل للأسرة والمسؤول عن رعايتها وحمايتها حتى بوجود حرية مالية للمرأة. لكن في الوقت نفسه نص على توازن الحقوق والواجبات بين الجنسين، ودعم المرأة في تحقيق إمكاناتها وتطوير ذاتها بكل الجوانب.
عقدة سندريلا ليست بالضرورة أفضل من حياة الاستقلال، فالاختيار بينهما يحتاج إلى وعي لإيجاد توازن بين الاعتماد على الاخرين بشكل زائد والاعتماد على الذات.
فحياة الاستقلال تمكن الفرد من اتخاذ القرارات بحرية وتحقيق الرضا الذاتي، وتعزز الثقة بالنفس وتحقيق النجاح الشخصي والمهني. بالمقابل، قد تكون عقدة سندريلا تقديراً خاطئاً للذات يؤدي إلى فقدان الهوية الشخصية وعدم تحقيق الطموحات والاهداف الحياتية ولذلك من الضروري ايجاد التوازن بينهما حيث تحقق المرأة الاستقلالية وفي الوقت نفسه تحافظ على العلاقات القوية والداعمة.
التغلب على هذه الأزمة يحتاج إلى تفهم الآباء لدورهم، والسماح للفتيات ببعض الحرية لممارسة أنشطتهن وبناء ثقتهن بأنفسهن، مما يمكنهن من التعامل مع المواقف الصعبة.
هذا يساعدهن على عدم اللجوء إلى الزواج كوسيلة للهروب من ضغوط الأهل أو تحقيق أحلامهن التي قد لا يكون بيت الوالدين قادراً على تحقيقها، مثل استكمال الدراسة وتحقيق حقوقهن الأساسية.
بدلاً من ذلك، يجدن نفسهن في مواجهة واقع مختلف يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالضعف والانكسار والحسرة.\
عقدة سندريلا هي تحدي نفسي يواجه النساء في المجتمعات الحديثة، ولكن من خلال التوعية والاعتماد على الذات، يمكن للمرأة تحقيق التوازن والسعادة بمفردها دون الحاجة إلى انتظار الرجل الذي ينقذها.
...........
عقدة سندريلا أو" "Cinderella Complex" هو كتاب من تأليف كوليت داولينج، يتناول الظاهرة النفسية المعروفة بـ "عقدة سندريلا" وتأثيرها على النساء. يكشف الكتاب الضغوط الاجتماعية والثقافية التي غالبًا ما تدفع النساء إلى الاعتماد على الآخرين، خاصة الرجال، للحصول على السعادة.
تقدم داولينج أنماط السلوك المرتبطة بالعقدة واستراتيجيات وأدوات لتخطي العقدة وتمكين النساء من الاعتماد على الذات والسعي وراء السعادة الخاصة بهن.
اشترك في قائمتنا البريدية واحصل على أحدث الأخبار والمقالات والأحداث المتنوعة.
All Rights Reserved |e-noonalniswah.com